الاثنين، ديسمبر 27، 2010

شخصية نادرة


شخصية نادرة
                                               
بالرغم من وجود عينات وشخصيات في حياتنا أصحاب أهواء ونفوس خبيثة وخداع ومشاعر مزيفة  وحب كاذب وأقنعة مزيفة  و...و...


وفي خضم هذا العالم الكئيب تبرز شخصيات ناصعة البياض تشع ضياء وكأنها من كوكب آخر  تشرق الدنيا بنورها.
شخصية تتميز بالبساطة والوضوح ومساعدة الآخرين وعدم التكلف فهذه الصفات لوحدها تجعل الكثير من الأغبياء ينعتون صاحبها بالضعف والسذاجة وكما في لهجتنا (مسيكين، طيّب، ضعيّف، حبيّب، ، ، )  
 مباشرة حكموا عليه ولم ينظروا للصفات المكملة لهذه الشخصية.

فصاحبنا يملك (بعد التحليل النفسي والسلوكي البسيط لشخصيته) ما يلي:
القناعة بما يعمل، والثقة العالية بالله ثم بنفسه، والهمة العالية، إنسان عملي من الدرجة الأولى فهو يحب العمل ويحب الإنجازات، وبإتباع الحق ولو على نفسه، يهتم كثيراً بالمدح لكن يتظاهر بعكس ذلك ودائماً يعطي نفسه أقل من حجمها بكثير ، يسامح يعفو، يهتم بالعموم ولا يهتم بالتفاصيل، ، يحب الاستشارة كثيراً لكنه عندما يقرر شيئاً وهو مقتنع منه لا يتراجع عنه أبداً مهما كانت النتائج، لا يحب كثرة الكلام وكثرة القيل والقال ويتكلم من أجل أهداف معينة، يتميز بدفء وجداني عالي فتجده يهتم بمشاعر الآخرين صوته منخفض غير عالي رفيق ولين لا يحب جرح وإيذاء الآخرين وعند إخلاص النية لله يمتثل قوله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) ويمتثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، و لا نزع من شيء إلا شانه) تجده قوي على الظالم والمستبد وقد يتظاهر بأنه أقوى منه ولو كان مديره أو شخص أعلى منه وكما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم(إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) ، وضعيف عند الضعيف إن احتاجه وقد يتظاهر بأنه اضعف منه،....يعني شجاع لا يستسلم للظروف يحاول التغيير، يحب بشدة مساعدة الآخرين وقد يقدمهم على نفسه، يخرج مشاعره بكل صدق من فرح وغضب وغير ذلك ويبتسم ابتسامة رضا حقيقية، محب للدعابة وإدخال الفرح والسرور في نفوس الآخرين، لا يحمل في قلبه شر وضرر على أحد بل يحاول تنظفيه أول بأول وإن أخطأ يعتذر مباشرة.
وهذه الشخصية تحمل بداخلها براءة الأطفال فلو فكرنا لوجدنا أن البراءة = بساطة ووضوح ودعابة مع مراعاة اختلاف الحجم والعمر!!!!.
ويتميز بعزته وكرامته الغالية جداً فجرحه قد لا يبرأ وكسره قد لا يجبر والخطأ عليه ليس كالخطأ على الباقين برغم الإيجابيات التي به، وهذه الشخصية عندما يلتزم بالدين الشرعي تلتزم كل جوارحه بل كل خليه في جسمه تحاول أن تخدم هذا الدين.

ومما يجعل هذه الشخصية عظيمة بل أعظم شخصية في التاريخ ما يلي:
 1- أنه عند قراءة سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم من منظور نفسي وسلوكي (علم نفس الشخصية) نجد أنه يتمتع بأبي هو وأمي بصفات عظيمة منها البساطة والتواضع فقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها، ولم يضرب بيده أبداً إلا أن يجاهد، وكانت الجارية تأخذ بيده لما تريد -والرسول لم تمس يده يد امرأة- فكان يمشي معها ليقوم بحاجتها، كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه وكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم فيما لا يَعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كرِه الشيء‏:‏ عُرِفَ في وجهه ،وكان يحب الدعابة والمزح مع الصحابة مع الاعتدال في ذلك وكان عملي جداً وصاحب حق غير الصفات العظيمة والناجحة الأخرى. ولصاحب شخصيتنا الشرف بأن به صفات قريبة ولو كانت قليلة من صفات هذا العظيم صلى الله عليه وسلم .
2- أنه يوافق صفات حث عليها الشرع كما أوردتها ضمن صفاته.
3- صاحب هذه الشخصية يتميز بمحبة من حوله وتضحيتهم من أجله وإن كانوا لا يؤيدون تطبيق هذه الشخصية على أنفسهم.
4- دائماً يجد من يقف بجانبه ويجد التوفيق أمامه وهذا مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم (صنائع المعروف تقي مصارع السوء ....) والقصص كثيرة جداً في هذا المجال لكن يكفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ذكرته.
5- بالرغم من كثرة محاولاته وكثرة تجاربة الفاشلة تجد له إنجازات عظيمة جداً سواءً على مستوى العمل أو الأسرة أو المجتمع.
وغير ذلك من إيجابيات وصفات لهذه الشخصية التي تجعلها في رأيي أعظم شخصية لاجتماعها مع بعض صفات العظيم صلى الله عليه وسلم ولقلة وندرة أصحابها ولو كانت بسيطة وسهلة وعاديّة لرأيت الكثير يتمتعون بها.

ومع هذه الصفات فإن صاحبنا يتعب ويعاني كثيراً في هذه الحياة لأن أغلب وأكثر الناس لا تريد الإنسان العملي صاحب الحق بل تحاربه لأنها تريد من يمشي مع أهوائها ورغباتها ومصالحها فقط، ويتعب لأنه صاحب همم عالية ويفكر دائماً ويبدع وينجز. 
وفي النهاية هو الكاسب والرابح بل مجتمعه هو الرابح لإنجازاته.


ولأن صاحب هذه الشخصية إنسان لا بد أن تجد به عيوب فصاحبنا غير منظم، وتجده عشوائي، وغير مادي لذا تجده يعاني كثيراً من المسألة المادية، وقد يؤجل على نفسه مصالح بسبب خدمة الآخرين.

فكما رأيتم صفات كثيرة قد أعجبتنا بعضها واستغربنا من بعضها ورفضنا بعضها لذا فلنعلم أن صفات الإنسان نوعان 1- طبيعية وجبلية تخلق معه 2- وصفات مكتسبة تعليمية يتعلمها من مصادر عديدة وكما في قول أبي الدرداء (إنما العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ، ومن يتحر الخير يعطه ، ومن يتوق الشر يوقه) والصحيح أن هذا أثر وليس حديث منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
فما أجمل أن نتصف ببعض هذه الصفات العظيمة مثل نظافة القلب وحب العمل والإنجاز ومساعدة الآخرين وقول كلمة الحق وأن لا تأخذنا فيها لومة لائم وغيرها من الصفات التي ستغيرنا وستغير من حولنا بإذن الله......

هل تعلمون أنني قابلت الكثير ممن يحمل بعض هذه الصفات العظيمة، لكن مثل شخصية هذا الموضوع بكل صفاته لم أقابل إلا 3 إلى 5 فقط في حياتي وهؤلاء الأشخاص فيهم كل ما ذكرت بل أكون صادق مع نفسي أن هذا الموضوع بعد تحليل لشخصياتهم لأن هؤلاء الأشخاص لم أقابلهم مقابلة عابرة أو مؤقتة بل عاشرتهم لسنوات فهم عملة نادرة جداً.
وأسأل الله ألا يأتي يوم ولا أرى فيه مثل هذه الشخصيات التي تمثل لي مدرسة وحياة.


Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...