الاثنين، يناير 03، 2011

0 قليل دائم



قليل دائم

أتذكر واحد من الشباب كان شخص غير رياضي فنصحته بالرياضة وتحمس كثير وأراد أن يصبح رياضياً فمشى في اليوم الأول حوالي 8 كيلو وأكثرها هرولة وركض فكانت النتيجة المذهلة أنه نام طبيعي فقام ولم يستطع الذهاب لعمله فغاب يومين عن عمله بسبب تورم سيقانه بشكل مخيف (لأن عضلات الساق فوجئت بجهد فوق طاقتها فلم تتحمله) هذا الكلام قبل 5 سنوات والرجل إلى الآن غير رياضي تماماً.
وهناك أحد الزملاء قبل سنوات كان يعاني من ضعف في التعامل مع الحاسب في برنامج الوورد وبعض الأمور البسيطة في الويندوز وكان مديره يطلب منه كتابة الخطابات والتعامل مع برنامج لإدخال بيانات المعاملات  فكان يعتذر منها لعدم تعامله مع الحاسب وخبرته الطويلة في الأعمال الإدارية والورقية ومعرفة الأنظمة فقط فشكى لي هذا الوضع فعرضت عليه أن نجلس يومياً ولو 10 دقائق نعرف بعض الأمور الأساسية سواء في الوورد أو الويندوز فقال إن شاء الله وعندما ذكرته بالأمر تظاهر بانشغاله فعرفت أن الرجل غير متحمس للفكرة وبعد سنتين وُضع قرار في نظام الترقيات أن التعامل مع الحاسب واعتبار سرعة معينة في إدخال البيانات شرط أساسي للترقية لهذا لم يترقى زميلي مع أن زملائه الأحدث منه ترقوا وأصبح في دوامة الشكوى والتظلم من هذا القرار ولو أنه تعلم لارتاح من هذا التعب كله.
 فكما تلاحظون أن كثيراً من الناس يريد عمل معين أو تعلم علم أو مهارة ثم يدخلها ولأي سبب سواء ملل أو غير ذلك يتركها ويجلس سنوات وهو لم يتعلم منها أي شيء ولو أنه بدأ شيئاً فشيئاً لأصبح خبيراً بها.

فمن قواعد النجاح والإبداع في الدنيا والدين ما دلنا عليها أعظم ناجح في الحياة المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : ( أدومها وإن قل ) . وقال : (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون).  هذا الحديث روته لنا العفيفة والشريفة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما في صحيح البخاري.
وكما تقول أيضاً عائشة رضي الله عنها عن الحبيب صلى الله عليه وسلم: (..... كان عمله دِيمة ، وأيكم يستطيع ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستطيع). والديمة هو المطر  المستمر مع سكون بلا رعد ولا برق، والمعنى أن عمله كان على الدوام مستمر صلى الله عليه وسلم وكل شخص يستطيع فعل ذلك.

***صراحة قاعدة نبوية تدل على يسر وسهولة هذا الدين العظيم***


وكما قيل:
قليل دائم خير من كثير منقطع
وهو قول مشهور عن (عمرو بن مَسعَدة) وزير جعفر البرمكي
 في عصر هارون الرشيد في العصر العباسي.

وقد يُخطئ من يعتقد أن هذه القاعدة فقط في أمور الدين بل هي في أمور الدين والدنيا فمن خصائص الدنيا أنه ما أتى بسرعة يذهب بسرعة وما أتى بروية واستمرار يبقى ويصعب زواله.
ولنعلم أن أكبر داء ومعيق لهذه القاعدة هو:
1- العجلة والاستعجال فما دمت تريد أن تتعلم بسرعة وفي اقصر وقت فإنك لن تتعلم.
 2-ضعف الهمة فإن لم تملك همة عالية فلن تستطيع أن تستمر.
فبالمحبة والصبر والهمة العالية تستطيع إنجاز الكثير مع أنها لم تأخذ منك ذلك الجهد والوقت الكثير.





قصة رائعة جداً:
كان هناك سكاك يعمل في الحديد والمعادن وفي الثلاثين من عمره توجه لطلب العلم  فقال له الشيخ: لعلك في سن لا ينفعك فيه التعلم، وأرى ذهنك مما لا يساعدك على أمر التحصيل، فلا بد من الامتحان
فأعطاه مسألة : هل جِلْدُ الكلبِ يَطهر بالدِباغة؟
وكرر العبارة ليفهمها
وفي الغد طلب منه المعلم أن يعيد السؤال
فقال السكاك:  قال الكلب هل جِلْدُ الشيخ يطهر بالدباغة؟
(قلب السالفة وجاب العيد) يقصد قال الشيخ ......
فضحك الطلاب عليه عند ذلك كَرِه طلب العلم وأصبح يهيم على وجهه في الطرق وفي الصحاري حتى رأى ميزاب أو مكان ينـزل منه قطرات ماء على صخرة وقد أثرت فيها بثقب كبير فاعتبر منها وعرف أنه بالاستمرار ولو بالقليل تتحقق المصاعب.
 ورجع لطلب العلم وصبر وصابر وأجتهد كثيراً في ذلك.
 أتعلمون من هو؟
إنه عالم البلاغة الكبير الشيخ/ يُوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكَّاكي، سراج الدين أبو يعقوب يوسف بن محمد بن علي  يُوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكَّاكي، السكاكي رحمه الله مؤلف كتاب (مفتاح العلوم).

يُوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكَّاكي، مفتاح العلوم مفتاح العلوم مفتاح العلوم مفتاح العلوممفتاح     مفت  ييشسيبشسيب
فما رأيكم أن نطبق هذه القاعدة على حياتنا اليومية:
ففي القران تستطيع حفظ آية واحدة فقط أو آيات قليلة في اليوم ولو كان ذلك قبل النوم وتستمر عليها حتى تحفظ أجزاء كثيرة أو تحفظه كاملاً بإذن الله أو أن تذهب لمقرئ وللدور النسائية لأخواتنا أيام قليلة في الأسبوع أو متابعة برنامج تلفازي أو إذاعي أسبوعي يساعد على الحفظ، أو عن طريق مواقع في النت لحفظ القران ولو مرة في الأسبوع والاستمرار على ذلك ستجد نفسك وستجدين نفسكِ بعد فترة حفظت الكثير والكثير من أحلى وأغلى كلام وهو كلام الله عز وجل.

وأيضاً بعض النوافل فمثلاً قيام الليل تستطيع أن تقوم بثلاث ركعات ولو ركعة واحدة والمداومة عليها فلا تحرم نفسك من هذا الفضل الكبير.
وقس عليها نوافل عديدة مثل الصيام تستطيع أن تستمر على صيام أيام البيض طوال حياتك أو صيام الاثنين والخميس.
والصدقة أيضاً فتستطيع أن تخصص مبلغ بسيط (أنت وهمتك) كل شهر فإما أن تضع استقطاع شهري لجمعية خيرية موثوق بها أو تخصص مبلغ لأي جهة تُبرأ بها الذمة، وغير ذلك من النوافل والطاعات.


 وأيضاً هناك مهارات وفنون نتعلمها مثلاً الرياضة تستطيع تخصيص من نصف ساعة إلى ساعة مشي أو تمارين رياضية يومياً وتستمر عليها وبعد فترة ستجد الفرق بينك وبين عشاق الأكل  والراحة وستلاحظ نقص وزنك ورشاقة جسمك وخفة نومك وراحة نفسية وغير ذلك فقط ضع لنفسك برنامج رياضي صحيح وإن كان مع نادي رياضي أو باستشارة رياضية فهو أفضل ويلحق بها أي لعبة رياضية ولا أنسى جار والدي (الله يحفظه) وأتذكره منذ صغري وهو معتاد على المشي ولم يكن يركض أو يهرول كان فقط يمشي بثوبه ولطمته المعهودة والبوت أو الكنادر فقط (أكرمكم الله)  وقبل شهور رأيته مستمر على المشي وعمره الآن فوق الستين عندما تراه من الخلف كأنه شاب في العشرينات أو الثلاثينيات بل أفضل جسم منهم (ما شاء الله) ولا أبالغ لأنني رأيته يمشي مع أولاده وهو أفضلهم جسماً ورشاقةً.

أرأيتم ما أجمل اتباع هذه القاعدة الرائعة.

وأيضاً ونحن في زمن التقنية نعلم أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ونفوسنا تتوق إلى تعلم الحاسب وتعلم أي فن فيه ومهما كان البرنامج أو هذا العلم صعب فمع الاستمرار ستُتقنه باحتراف ومثل ما يقولون أكل العنب حبة حبة  فمثلاً أنا في برنامج الفوتوشوب جلس معي واحد من الشباب تقريباً ساعة فقط علمني الأساسيات وجلست ما يقارب السنة بشكل متواصل حتى وصلت ولله الحمد لدرجة مرضية في البرنامج وفي فن التصميم.

ولا ننسى لغة الملايين اللغة الإنجليزية للأسف أننا بحاجتها حتى في حياتنا اليومية لهذا جميل أن نزيد مفرداتنا اللغوية بحفظ ولو 5 كلمات أو جمل يومياً وأهم شيء هي النطق والسماع بشكل صحيح بأي طريقة سواء مواقع أو برامج أو مباشرة مع أشخاص يتقنونها
 ولا تنسى ولا تنسين
step by step

ويلحق بذلك أي فن أو علم أو مهارة  يريد أن يتعلمها الواحد منا.

لهذا لا تستغرب من العلماء والمفكرين عندما تسأله شمالاً أو جنوباً أو شرقاً أو غرباً يُجيبك بكل علم فيّاض وكأنه يقرأ من كتاب وكأنه مذياع لماذا؟ لأنه بكل بساطة اتبع قاعدة الناجحين مع الهمة والصبر .
وهل تعلمون أن (كتاب شرح رياض الصالحين) للعلامة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وهو يقع في اربع مجلدات في إحدى الطبعات هو عبارة عن دروس بعد صلاة العصر بين العشر دقائق والربع ساعة فقط واستمر عليها لسنوات ثم قاموا طلابه بتجميع هذه المواد الصوتية وكتابتها ووضعها في كتاب.

أسال الله أن يجعلنا وإياكم من الناجحين والمبدعين في حياتنا وديننا ودنيانا
وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

0 التعليقات:

:))Blogger ;)) ;;) :DBlogger ;) :p :(( :) :(Smiley =(( =)) :-* :x b-(:-t8-}

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...